Sunday, October 26, 2008

سيد الفراش والنحل

" إلى روح الشهيد فتحي الشقاقي "
عبد ربه محمد سالم اسليم
قطاع غزة – فلسطين
Isleem61@hotmail.com
( 1 )
معذرة ,
معذرة يا سيدي , لا وقت لديك للنوم , انهض ...
( 2 )
كنت تهجي حروفها بالرصاص ودمك ,
فأتمتم : فـ تـ ح ي ...
يا سيد العاشقين , وحلم الندى ...
يا سيد الخيول , والمدى ...
... /// أرسم وجهك حدودا للوطن ...
لتتكامل روحي ,
وتصبح عيوني صهيل ...
() () () ()
وتجتاز الباب , هو أنت ...
ينتظرك صمت ناصع القلق !!! ...
هو شرفة ...
ثمة ملح , وكرز يحاول أن يلدغ العصافير !!! ...
ينطفئ البؤس في سواحل مرفقيك !!! ...
ضفائرك تشبه طائر في صدري يطير بين السبابة والسبابة ,
وسريرك كقهوة الصباح تتسرب من خوذتك كالقمح !!! ...
ليل ساطع كالثلج وسنبلة ...
هو عشب ودوري أنت !!! ...
ثمة
م
ل
ح
تجاوزت مجرات الفصول ,
ونسبية الحلم والزمن ,
وطعنت بياض المحيط ,
فلم يبق إلا حضورك الأزرق ,
وأنت تقرأ صفاء المعنى " وليدخلوا " لتشرق دهشة غياب ...
ويتكاثف حضورك السرمدي ...
ها قد سافرت وتركتني أعارك الريح والغر قد ,
والصيف نافذة الحزن !!! ...
( 3 )
ها الحلم يحاول تقليدك !!! ...
... /// ترتب الرصيف والهديل يداعب وجهك
للزيتون رائحة يديك ,
وأسماءك الحسنى ...
صديقتك السماء ...
تقوم نصف الليل أو أكثر ...
تبحث عن كسرة حب ودعاء أبيض
والأقصى يفر إلى دمك !!!
مواضع قدميك دعاء ...
تحمل في جيبك سيف العشق
وضحكتك أسرار جبال !!! ...
تهمس بسرك الصوفي ,
والمطر يتساقط في صدري
كزخات الجوع
ودمعي شقي !!! ...
أعود مرة أخرى أفتش عن ضحكة رئتيك
فلا تنكسر مثل الماء ,
والشمس ترتديك كعقد خمر !!! ...
يصحو الظن ... فأسجد !!! ...
() () () () ()
يأتيك القمر طواعية !!! ...
والهمس طيور ...
( 4 )
ودمك يعصر في روحي خمر الشهادة ,
وأحلام الليل ,
ودفء القمر ,
فأوقد من جبينك الزيت ,
وأورادي الفستقية ...
أراك وأنت تجلس مع الريح ...
تغوص في ذاكرتك ,
وتحلق في أزقة ضلوعك ...
تمنح الحب للفراش ,
وتكتب على شغاف الأرض وعدك مع شجر الغر قد ,
والشموع تسيل من أصابعك عصافير كلون الحناء ,
والطمأنينة تشرق في عينيك كابتسامة الأنبياء ...
أراك يا سيدي تنهض ,
وأنت معجون بالدعاء تنزوي خلف الصمت تتمتم بالصلاة ,
والسؤال يحوم في صدرك يشتبك مع البؤس , والغر قد ,
ووجه الصباح برائحة الشهادة ,
فألمح عينيك الصافيتين بالعسل الملائكي ...
علمتني أن ألبس الصمت بامتياز ,
وأن أراهن على المطر الذي ما زال يتساقط من رائحتك ,
وعلى حضورك في تربة أوراقي ...
فأصغي إلى دفئك الذي يستعلي على الجغرافيا وشروخ التاريخ ,
وعلى غربتك التي هي ملائكة تغرد في حزني ,
وتحديقي في شمسك ...
فاسير حافيا لعلى أطأ موضع قدميك !! ,
وأتسلل إلى طعم الألم في قلبك !!! ...
أصافح الليل ...
أبكي بهجة " العصر " فتشتعل نظراتي الحيرى بدمك ...
دون استئذان أقبل يديك
وأتأبط كلماتك كشهيقي ...
أغرق في شظاياك ...
ولأول مرة أعرف طعم العشق الإلهي !!! ...
صباح الخير يا سيدي ...
صباح سرك الصوفي ...
صباح الخير ...
بحثت عنك هذا الصباح فوجدتك كوردة منتصبة في قلبي ...
كنت تحاصرني كذاكرة تبتسم للمطر ,
وتتورم من شدة الخجل
وأنا أقبل صورتك أيها الفارس ...
فتخضر يديك / يدي وأنا أحمل صوتك أينما يممت ...
وها أنا أشتاق إليك كطفل ما زال يبحث عن أمه !!! ...
( 5 )
أبيض ناصع كاللذة ,
ونقيا كالعتمة ,
وعاشقا كصوفي يفتح الصحراء ,
ويجلد الصمت بتواضعه الشهي ,
ونظراته اللوزية التي تعري فينا التردد والسكون ..
أنت النبي في تجلياته , وروحه الملتهبة التي تمزق الزبد ,
وتتلألأ كحبات الندى عاشقة لفجر صلواتك , وأدعيتك ..
يغريك الجمال الإلهي فيدعوك للانصهار في معشوقتك التي تغريك بالشهادة ,
وتجذبك نحو الوعي الإلهي ...
فتقسم ألا تصلي العصر إلا في بني قريظة ...
تأتيك الزرازير ... تغنيك ,
وتأتيك العصافير بيضاء ... بيضاء ...
ويأتيك قوس قزح في صفاء روحك , وتلبدك بالشهادة ...
تصادق الوقت , وترتاح في شهوة الصهيل ...
فتتزين – يا سيدي - للشهادة ...
فكنت تقضي يومك متنقلا بين أزقة الوطن المحاصر مفكرا , ومستكشفا , ومعلما , وموجها , ومعالجا , وقارئا ...
تقتل الوهن في روح الشجر , وقلب الفراش ...
تلون وجه الصقيع كدم الحسين عليه السلام ,
فتنحني عليك /إليك الحقول , والوديان تأتيك امتداد البصر ...
تربي الأمل , والحب , ونيازك القمر ...
كنت تؤسس فينا مفردات الشهادة ,
وأبجديات التقوى والورع متجاوزا هذا الزمن الأحمق ...
كنت تهجم بهدوء غريب ,
وحسابات فذة كأنها أعشاش العصافير ...
تصطاد الأرق من قلوبنا على صهوة تراتيلك ...
دائم الفرح ...
تشع في نومك كأنك قبس نبوي ,
وألو العزم من العارفين !!! ...
وتمهد الدرب نحو مآذن الأقصى /// ...
( 6 )
أصحو من كلماتي ,
فأجدك ما تزال تنقط العشق في قلوبنا ,
والمطر تنقشه كمسبحة في فمي !!! ...
ووعدك مع الصبح !!! ...
( 7 )
ألتفت نحو اليمين , فأجدك قائما تصلي على بساط سندسي أخضر ...
ألتفت نحو الشمال , فأجدك رافعا كفيك نحو السماء ...
أنظر إلى الأمام , فأراك رافعا سيفك تضرب الغرقد ...
ألتفت إلى الوراء , فأراك صائما ...
أنظر إلى أسفل , فأراك أفقا ...
أنظر إلى السماء , فأراك كأنك رسول ...
( 8 )
الشهادة ابتسمت لك من مسافة كذا وكذا ...
وتربة الحسين تقترب إليك ...
وأنت تعج بملامحي
يوم شكوت المرايا إليك !!! ...
تهللت كجوع يحضنك !! ...
( 9 )
لا شيء يدل على دمك سوى دمك ,
ونبوءة هذه الحناء ...
فتلبس الكيمياء كالوقت
أخضر فيك كأنفاس بلبل جميل
وخمرك المعتق في ذاكرتي
وضحكتك كتورد وجه النبي
تضيء حزني حين يخذلني البحر ,
وفصولي ناصعة الجنون !!!
أرتجف كريح تهب من رئتي الناي ...
فألمع صوتي بعذرية حلمك ,
وذهول الأعشاب !!! ...
( 10 )
غفوت لأحصد ضحكتك الأخيرة
لعل الليل ينقذني من هذا البحر
لأرى ابتسامة الأفعى
كأنها رمق ريح ...
والماء تحت الصمت
يتفتح في غصون حزني
لأني أدمنت طقوس شجر المطاط !!! ...
( 11 )
على وجنتيك ورود ما زالت رطبة
تسابق الصدى ,
وسجادتك كجناح فراشة ...
وأنت تتهيأ للصعود إلى الظمأ
كقمر يشتهي طيف الصباح
فتجيء مثخنا باليقين ...
الضوء يأوي إليك ,
وقلبك شجر السؤال ...
تتشظى كزرقة البحر وأنت تمتزج بدمي
لجمت الصحراء في كبدي
ورفوت الصمت بالورد ..
اختبأت فيك كسفرجله لدفء ذاكرتك ,
وصوتك يزرع العصافير حدائق لتوقظ فواصل المساء ...
الليل قطع مسافة فيك ,
وفي وهج الثلج
حين تنقش الجمر من شفاهنا لنمر إلى ربيع لغتك
وأنت تواعد السحابة
على ضفاف الخاصرة ,
وتغوي البنفسج بالريح ...
والهواء حزين لنكتب شجر التوت
وصلاة العصافير ...
ما زلت تلبس النهار ,
والضحى نافذة !!! ...
( 12 )
صباح الخير ...
صباح الفجر والأقصى ...
صباح الخير يا غزة ...
صباح الخير ...
19 / 3 / 2006م



No comments: