Saturday, February 28, 2009

صلاتي الأخيرة

عبد ربه محمد سالم اسليم
قطاع غزة – فلسطين
Isleem61@hotmail.com
( 0 )
............
....
.
وأنا ارتكب صلاتي الأخيرة
وأنمو وجه طفل يلبس الرعد
ومحاكاة معجزتي الضوء
( 1 )
... هي حماقة فذة لاستعمار الندى
... هي سرية لاعتقال النرجس ،
وحائط الياسمين الذي ينمو بيننا فوضى نهر غجري الملامح
وأنا افتراس هذا القط المدلل
أجاهد أن أحاصره في شعاب روحي
ودلالي الشرس !
وأنا أمتص كوب الشاي المنعنع من أطراف أحمر شفاهك
فأبحث في الليل عن رائحة صوتك
وارتطام طفولتي بين أهدابك البرق
( 2 )
كأنك تعصرين بين شفتيك صباحي
شذرات مسك
فأتناثر على ارتعاشات ملاعقك تعبا زكيا
لأشرب وحشة المكان
ومخدعك الشمسي
والتعب الذي يتساقط من رموشك
وبؤبؤ عينيك صدى الصبابة
كمجاز شعري
ارتعاشاتك تملأ سفوح خدودي
وحبر شهيقي البحري
فأستغفر خبز جسدك أوراق خريف
لأسافر عبر حرارة الموبايل
وعبر الكاميرا الرقمية أحضن صوتك
ودلالي الدمشقي
( 3 )
أمشي على ضفاف دمعتك
أنثر بهاء جروحي
وأرصف نشوتي بين سبابتك وقدميك
أنا سيد الثلج المعطر وبستان الثمالة
فأستظل بهمسك
وعرق جبهتك يغمر رائحة كلماتي
فأخبئ انتحار حقيبتك في أناملي
حدثيني عن ذكرياتي لألقاك شمال القلب
وضفائرك تتطاير في أحشاء حوت بري أنيق
( 4 )
وكأني أصوم ...
وكأن الدهشة تسابيح عاشق
فتخضر أناملي الزرقاء
كادت الابتسامة تعاتبني
وأنا أخامر رحم الريح – المغناطيس
تقدم رجلا وتؤخر أخرى
تترك على جسدي جنون القصائد
وتختبئ في قبلاتي المهموزة
( 5 )
تعثرت بظلك كحبلي الوريدي
كنسيم يفضحه فنجان القهوة
لأمنح ابتسامتي لأشجارك التي تنمو في ظهري قصائد
وعبر أناملي دمعات قافية
أتفهم جنونك الذي أسميه الوقاحة الحلوة
فتكشف عن ساقيها ... أنا لجة الماء
قوام أظافرك مواعيدي
التقينا
ذات قبلة
والذاكرة شقوق العشق كأشجار الحناء
فتنمو جروحي
تخضر كحبات اللؤلؤ
فيكبر على شفتيك الثلج ورائحة الصقصلي
فأقع في غرام المطر
ألعب مع الحزن والنار بلا شاطئ
أقطع شرياني
وأرسم وجهك خارطة وفخذ نهر
وكتاب مئذنة
هي
تربك ظلي القزحي فوق ركبتي الزيتون
فأمشي كجفونك
دهشة تبحث عن زرقة المطر
كرجولة الندى
وهذا الجدار يحتمي بالريح
وبريق سجودك
فيكتمل السيد القلق
الليلة
ينام السحاب إلى جواري وشعرك طهر الصمت
أمسح الضباب عن شموع أظافرك
بدون قصد
أغني
لأقطف مواسم الجمر
وسيجارتي تحملق في الانتظار
وأنا أوزع لفافات الغيم
أأكون الفارس الجديد ؟!
تعالي
لأسكن خدك
أتدحرج بين شفتيك مرايا
أفك رائحة التعويذات
نترنح من شدة الضوء
وصدرك مزدحم بالوجع وصهيلي
المطر ملامح القهوة
ابتسامتك بيتي الفاخر
أسلي القرنفل
وهذا الورد يعاني من الضجر
ألملم لحن قبلاتك
أأعزف حزني الأسطوري ؟!
أتحس شقاوة الشتاء
فيتعرف البحر إليك
أتحسس انفجارك بستان عنب
بدموعك
أكتب مذكراتي
وسيرتي التي تخرج من عيون السمك
بدموعك
أشتهي دموعي
بدموعك
اصطادك على شرفات الابتسامة
ورائحتك صراخ
أمسك بيديك الزيتونيتين ونجتاز منعطف الخيال
لنشرق كيمياء نخاع
لألقي القبض على الشمس خلف نافذة السرير
فأنهض كلون عينيك
نتقاسم لون القرنفل
ومساحات الخوف الأبيض
تعالي ...
وشمي سريالية أفق إبطي الذي يتمدد كالخرير
وأنت تراقصي دمعتي
الليلة
أنام فراشة
تغطيني بالفوضى وبحائط مجبول بالدموع
وقصاصات جسدك الكنعاني
وحبر جراحك !
أقنص أمطارك شعاع قمر غويط
دمعي
يناديك كمحراب يعد نغسه لمعاقرة جسدك النهري
فيجتاح جرحي طوفان المسك
أرى بجراحي
جراحك
والريح متوترة كالزنبق الأبيض
ثمة
سهم يفاجئ الريح
وخدك بئر مملوء بالظمأ
هي طقوس صعبة
أشرب ما على شفتيك من نجوم وحنين
دمعك
تشكيلة كلماتي
وهي تنطق باسمي الحركي الذي يخشع أمام رائحة القرنفل
كطائر العندليب
خدك
على خدي
والأغاني تسيل أزهار لوتس
في رأسك قلب
في قلبك حنون نار عذبة
أحضن لهيبك
وتنام في حضني غيومك
أقرض جدار الليل لتنهار جراحي
ولأكون مصب النهر الحرون
إنما الخشوع
لذلك العاشق
الذي أضحى زوابع
وأدغالا تحمي السماء من القراصنة
فأسرق عنب قدميك
وأردد للمرة الألف بعد المائة : أحبك
لنتدحرج قطر الثلج
ونختصر حمرة العيون
أأطعمك رحيقي ؟!
أأتذوق معك رائحة المطر ؟!
أنا فارس الرعد ، وقبلاتي الفردوس ...
( 6 )
مولاتي ...
أحتفظ بخط يديك وقبلاتك الحارة المجنونة
على جدار رجولتي
الريح ألبوم جراحاتي
ودموع تطحن شفافية الحلم
نتقابل قوارير عطر
ورائحة خلف أذنك اليسرى
منذ خاصمت الشمس
وأنا أقدمك إكسيرا لهذا السرير – المغناطيس الوردي
أتوغل في ضفائرك
وأفتح دواليب الخجل
فأنثر جمر عينيك
وأعد رمحي لطعن النهر
فأثمل
وأمرغ انكساراتي حبات برتقال صوفي
لأحفظ عن ظهر قلب تضاريس لسانك
ورقصة البؤبؤ وهو نائم في انفجارات الضوء
أتقن فن الهزيمة
وبطولات الاستشهاد
كأن الأرض تتوجع من غروب الشمس
فأغرق في ظمأ يفترس المئذنة
والسجاد معجون بالهذيان
هذا اللقاء
تفوح منه رائحة الذاكرة
والصدى يحترق
ورمادي بلون ابتسامتك
سأتلو وحدتي لأكون لغة العشاق
برائحة الخبز
أنقشك على ساعديك
فأمر بيدي اليمنى
أتحسس تاريخ العشاق
أولد من رحم الندى
يولد في الندى
أرجم الصمت
لنكون أنشودة الزعفران
أولد فوق الريح
شفتاي ابتسامة أبي
وهذا الهدهد أصابعي الحمقاء
ألبس
لون عينيك
عانقيني
كماء عينيك
عائدا من سرة رائحة التفاح
لنتقاسم معا صلوات التهجد
وندعو القرنفل للتمرد على الخوف
والريح على مصراعيها بواخر ركبتي
سأسقط مغشيا على صوتك
وتضاريسك الحناء
ومدينة عشق بلا شاطئ
ومساء حافل بأشجار الزيتون
أمسك بابتسامتك
وأداعب كلماتك الحبلى بالشمس
فأدعو ضفائرك إلى الجلوس معي على حافة النسيم
ومعاقرة الظمأ
فوق رياح شفتيك
أنوح خمرا
وأعمدة الليل حديث العمر
وما تسرب من أنوار آبارك الغضة
كالعادة
روحي وسادتك
وأنا مرتبك أمام ابتسامتك الغيم
المطر لم يكتمل بعد
وأسئلتي توازي التعب العبقري
لأستكشف نبض صحراءك
وأشعة الشمس التي تمتد بيننا
كلما تكلمت أعشابك الخضراء وروائح القرنفل
وقصيدة تستحق المحاولة
وفك لغز سروالها
فأرى روائح ضفائرك على شفتي
كنت أريد أن أهرب البحر
والحياة تطل من رموشك
جريء هذا القمر
وهذه الكأس تأخذني عنوة إلى أحشاء الصراخ من شدة العشق
فدفعتني إلى السحاب
أحمر كالورد
أبيض كالزنبق
والإشارة حفرت بئر جروحي ينابيع حصاد
وقف الظمأ فوق شفتي
وراح يختال كقامة شمعة خضراء
والليل وردة حمراء أو دخان من الماء
لأعرج ! ...
25 / 2 / 2009م

Saturday, February 14, 2009

رقصة الكركي

رقصة الكركي
عبد ربه محمد سالم اسليم
قطاع غزة – فلسطين
Isleem61@hotmail.com
بماء الشهوة
أنقشك على جدار القلب
آخذك
إلى دفء حضن القصيدة
ونزهر تحت الرماد رائحة قرنفل
وبين الموج
نتلاشى مثل عاشقين
جسدك ما زال يحرث الأرض
والسماء برج نار
وشهوة موال يغني زرقة الشمس

Thursday, February 05, 2009

قراءة في قصيدة يوميات رصاصة

قراءة نقدية في قصيدة يوميات رصاصة للشاعر عبد ربه محمد سالم اسليم
بقلم الدكتور مصطفى عطية جمعة
أستاذ النقد الأدبي في الكويت
اسمحوا لي أن أقدّم لكم صوتا شعريا غاية في الروعة ، إنه شاعر فلسطين ، القادم من قطاع غزة، الشاعر : عبد ربه اسليم ، وهو شاعر يمتلك بنية شعرية عالية الجمال ، برؤى نابعة من أعماق الثقافة العربية الإسلامية ، وقدرة على نفخ روح جديدة في كل تناول ، وقد قدم - من قبل - مجموعة من القصائد عن زعماء المقاومة الفلسطينية مثل : أحمد ياسين ، والرنتيسي ، وفتحي الشقاقي وغيرهم ، وفي كل نص يتجاوز الأنماط التقليدية ، ويحاول أن يؤسس لرؤى جديدة ، وجماليات نصية فريدة . وهي جماليات تعكس امتزاجا بين الشاعر والوطن ، والإسلام ، والمقاومة ، والأرض ، والجنة .النص : يوميات رصاصةعبد ربه محمد سالم اسليمقطاع غزة – فلسطينIsleem61@hotmail.com( 1 )غيمة تختبئ خلفي ، وتختلس النظر إلي ...تفتح دمي همسة ، وتتجمل أجمل كذبة عشق ، وجنون وتمحو الضباب من فوق رأسي ، وتحت قدمي الحريريتين تلبس قناع الشمس خيوط غسقوتحجب القمر بحبر القلب مثل فراشة تشاكس الصمتوتنتمي إلى حقيبتي الحمراء ...ما يشبه الومضة تندلق الخاصرة ،والفراغ تعويذة سرياليةفأصرخ مثل موسيقى لا مرئيةوأنتظر كشجرة زيتون صافية ...أفعى يقلب قهقهة الصمت ،ويلبس أجنحة المخاض جغرافيا زمنفأنطفئ مثل لغة تساكن " لسان العرب "ورصاصة تثقب درع القصيدةوتحتفل بميلادي الشمسي ! ...( 2 )جسدي يمتد بين الرصاصة والصمت – الرصاصةفأركض كنسر أعرج نحو الجنوبودمي يثقب الباب مثل سهم وردي منتصبأزحف نحو الفجر ، والفجر جسد تفاحةوصلاة الصبح على بعد قبلة ...نصفي العلوي ربع بحرونصفي السفلي شجرة بلوط بحجم يدي اليسرىوتزورني عند صلاة العصر دمعةوأنا أساكن موجة في القلب !!! ...( 3 )أموت ...يعرفني الصمتفي زحمة الورد ، والقمر والشجر ينهمر في عروقيوالرماد هدير ...( 4 )بلون أحلامي أبتسم للمساءفيتدلى مثل عنقود إيقاعأحلم برصاصة تفك لغز الغرقد والأرض ذبابة رخوة / أنيقة تعلق ظلي مثل رصاصة بيضاء في سقف المعنىمسدس يطل من آخر الرصيف المائي ،والعطش أحشاء بومةوربما جفن هيولي ممزق مثل غصن أخضروليلة تسيل من دخان سيجارتي كأنها مومياء ! ...( 5 )والصمت مزعج يتماوج زرقة بحرمثل جرح نحيل وسافانا ...أمس ، رأيت نعيق الصمتأتخير كتابا مفتوحاأرقد منطفئ التسامح آكل الذبابأستجدي ظلي النخيلوعصفور بلا عش على الشجرفأتعرى من نشوة الخمر / الرصاصوأرهق البكاء بأحشاء غراب ظمآن للشمسيولد من كفي ضباب حين ألمس السماءوالسراب جبين فضي يتدلى غزلان ليلويتربع في ركن القصيدة الأيمنويولد لحظة حزن نخلة عمياء تستجدي سنبلات القمحوالقمح عريان من زيت الكلام لأن الليل درويش والقمر مريض !!!أظافري تتماوج طلقا ناريافأسمع عواء الضوء !!! ...( 6 )الضوء مغامرة غيمةوالشجر ينتصب في آخر الطريقوالصمت صراخفأعلم أنني بحر يختبئ خلف السحابويتقهقر أمام شجر أصلع يذكرني بهمسي الأخضر ...( 7 )صرت على شكل رغيف دائريوأمي ملعقة من نرجسفأحتال على الليلوالسماء تعيش في حروفي خيولاومئذنة تعذب نصي المفتوحمثل جرح يدفعني لخارطة الفرح ! ...والفرح أشواك حداثة قصيدةوملعقة من ذهب !!! ...( 8 )أحتال زنزانة ، وقبضة من طحين معجون بأشعة القمرفأصير دمعة ، وبسمة مسدس كاتم للصوتفافتل جروحي مسبحة ووردةفيذوب في عروقي المطروالبحر ضجيج ذبابة زرقاء ...أتماوج أقدام ذئب يوسفأخلع ظلي مثل خط الاستواءأعجن وجهي فراشةودمي مرايا مفتوحةوأنا أتسكع في أبعادي مكر نصوأبتسم ...( 9 )أساكن قهقهة حزنيوذاكرتي هي الفهد بعينه !!!بأي رصاصة أصيب الأوكسجين ؟رأتني مرة أعبر الليل ، والزيت حجرعشب أول السرابزيتون آخر الليلفي الفجر أسمع وشوشة شهوة العشبوالريح تحفر كتابها بمزمار الشمس ! ...( 10 )محرابي لهيب ...أتسور كأس حليبودخان يتلوى نسيباوا أسفاه ..وا أسفاه ...أقف على حافة القصيدةوشجر حنظله يزاملنيذات خريف ، يلفظني ...رصاصة ...رصاصة ...والدرويش يدير كأس الخمر وحور العينوالليل أخضر كالهديل ...ثم ننشر القراءة النقدية عنها ، وفي انتظار تفاعلكم
القراءة النقدية : بداية نقول إنها قراءة أولية ، فهذه الجماليات والرؤى التي يطرحها عبد ربه اسليم لا تكفيها القراءة البسيطة ، وإنما تحتاج إلى بحوث معمقة ، وحسبي هنا أن أقدم بعض المداخل في القراءة . نستطيع القول إن عبد ربه اسليم : شاعر المقاومة الفلسطينية الجديد ، شاعر الرصاصة ، شاعر من يقاوم متسلحا بعقيدة ربانية ، وإيمان راسخ ، لا أريد أن أقول إنه خليفة محمود درويش ، لأنني مدرك أن المشابهة غير مجدية في الأدب ، وإنما أقول مطمئنا : هذا هو الشاعر المقاومة ، الذي نبحث عنه ، هذا النموذج المثالي للشاعر الذي يتعمق الإسلام فهما ، ويتعمقه الإسلام عقيدة وروحا وحرارة، فتوهج شعره ، وتبدو عناصر التوهج عبر آليات عديدة ، منها : الروح الجهادية التي تصبغ شعره ، والنابعة من تجذره بالإقامة والانتماء والثقافة في أرض فلسطين، كذلك ثقافته الحداثية التي تبدو جلية في ثنايا النص ، وهي تصهر الجماليات الشعرية السابقة ، في بوتقة من الرؤية المشتعلة بالجهاد ، وتجعلنا ننظر للأشياء نظرة جديدة ، فرموز المقاومة ليست مجرد أدوات ، إنها عالم كلي يسبح فيه المقاوم ، وهنا نجد الرصاصة تصبح عالما ، يتوحد فيه المجاهد ، وتتوحد هي به ، لتكون جسرا له للجنات ، وهذا التوحد يشمل الجسد والطبيعة والكون والروح. يقول في مطلع نصه : جسدي يمتد بين الرصاصة والصمت – الرصاصةفأركض كنسر أعرج نحو الجنوبودمي يثقب الباب مثل سهم وردي منتصبأزحف نحو الفجر ، والفجر جسد تفاحةوصلاة الصبح على بعد قبلة ...نصفي العلوي ربع بحرونصفي السفلي شجرة بلوط بحجم يدي اليسرىوتزورني عند صلاة العصر دمعةوأنا أساكن موجة في القلب !!! ...توحد الجسد ، مع عالم المقاومة والجهاد ، وتمدد أثيريا بين الرصاصة والصمت ، والصمت دلالة التأمل والسكون الذي يسبق انطلاقة الرصاصة . ويصف هذا المقطع حالة الانطلاقة حيث خرج الشاعر / الجسد من صلاة الفجر ، منطلقا ويتخلص من جسديته التقليدية إلى عالم سيريالي في الظاهر ، وطني في الباطن : فالنصف العلوي من البحر ، والسفلي شجرة بلوط ، وهذا وصف لخارطة فلسطين : من البحر إلى غابات الضفة الغربية . وتكون الرصاصة وسيلة للتحليق ، وتبقى صلاة العصر هي الحافة الوقتية الأخرى ، التي تقف مع صلاة الفجر ، لتكون الصلاتين دافعين للمقاومة والانطلاق . وهما أكثر الصلوات التي تشحذ المؤمن وتميزه عن المسلمين ، ففيهما ينام الناس جميعا ، بينما يتحرق المؤمن المجاهد إلى الالتزام بهما . في هذا المقطع جمالية تميز شعر اسليم ، إنها جمالية التداخل الدلالي واللفظي أو التواشج اللفظي ، ففي ختام المقطع يشير إلى أنه يساكن موجة في القلب ، ودلالة الموجة تحيلنا إلى نصفه العلوي الأثيري الذي استحال بحرا ، وإلى البحر الذي يحد فلسطين ، ويجاور غزة في الجنوب . وفي قوله :أساكن قهقهة حزنيوذاكرتي هي الفهد بعينه !!!بأي رصاصة أصيب الأوكسجين ؟رأتني مرة أعبر الليل ، والزيت حجرعشب أول السرابزيتون آخر الليلفي الفجر أسمع وشوشة شهوة العشبوالريح تحفر كتابها بمزمار الشمسيستهل المقطع بلفظة " أساكن " ، وهي واردة في ختام المقطع الأول ، ضمن ملمح التوشج اللفظي الذي يميزه ، وهذا ما نرصده في جزئية أخرى وهي تبدو في الألفاظ : " زيت ، زيتون " ، فالأول ناتج عن الثاني ، والثاني أحد عناصر الأشجار التي تميز طبيعة فلسطين ، وقد استحال الزيت حجرا مقاوما ، وأيضا نورا يضيء المصابيح ليلا ، والفؤاد فجرا كي يتأهب للمقاومة .هنا نجد إلحاحا على الفجر : الزمن والصلاة ، وأيضا يكون مكان العلاقة الحوارية بين الذات الشاعرة والعشب في الطبيعة . من الجماليات التي نرصدها هنا : جمالية التضاد الذي جمع بين القهقهة والحزن، والرصاصة والأكسجين ، والعشب والسراب ، والتضاد في حد ذاته جمال ، لأنه يجعلنا نقرأ القصائد في معطيات الحواف المتطابقة .كما نجد - هنا - أن الرصاصة لا تصيب الجسد ، وإنما تصيب الأكسجين / الهواء الذي يعيش عليه الجسد مع الماء ، ثم ينظر لعناصر الطبيعة ، حيث يدخل في علاقات حميمية : وشوشة شهوة العشبـ،، والريح التي تحاور الشمس بصوتها المشابه للمزمار ، وهذا يجعلنا نعيد النظر في دلالة الرصاصة إنها رصاصة المقاومة التي تنطلق من الفؤاد ، وتنتصب متسلحة بعناصر الطبيعة والكونية في جهادها ضد المحتل الذي أراد أن يطمس الكون والطبيعة في نفوس أهل فلسطين . ويقول أيضا : محرابي لهيب ...أتسور كأس حليبودخان يتلوى نسيباوا أسفاه ..وا أسفاه ...أقف على حافة القصيدةوشجر حنظله يزاملنيذات خريف ، يلفظني ...رصاصة ...رصاصة ...والدرويش يدير كأس الخمروحور العينوالليل أخضر كالهديل ...في هذا المقطع : مفردتان في غاية التجديد الرؤيوي ، وهما ذا عمق تراثي ضارب في ثقافتنا وإيماننا وهما مفردة : محرابي ، وحنظلة ، الأولى جاءت مبتدأ في قوله ( محرابي لهيب ) ، والثانية جاءت مضافة في شجر ( حنظلة ) ، والأولى تجعل المسجد ليس مجرد مكان للعبادة إنه منبع المقاومة واللهيب على الأعداء ، أما حنظلة فهو الصحابي الجليل الذي جاهد صباح عرسه وكان غسيل الملائكة ، وهو في لحظة الحافة ، حيث يجاهد ، بالرصاصة ، ويكاد يلامس الجنات : كأس الخمر ، حور العين ، والليل الأخضر . هناك دلالات عدة في المقطع تضرب في أعماق الثقافة الإسلامية ، اللون الأخضر وهو لون إحدى رايات الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولون راية حماس ، ورد على المخابرات الغربية التي تتهم المقاومة الإسلامية والمد الإسلامي بأنها الخطر الأخضر .. ، كما نجد " كأس حليب " ، وهو عنوان دال ، فلون البياض هو اللون الثاني الموازي للخضرة ، وهو أكثر الألوان التي حبها الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفي الحليب إشارة إلى اختيار الرسول لكوب الحليب في المسجد الأقصى في رحلة الإسراء حينما خيره جبريل بين الخمر واللبن ، فاختار اللبن . وهنا تجدر الإشارة إلى أن دلالة التناص مع الثقافة الإسلامية واضح في ثنايا النص ، حيث يقول شاعرنا : " أحلم برصاصة تفك لغز الغرقد " في المقطع الرابع ، والغرقد شجر ينبت في فلسطين ، وقد أكثر اليهود من زرعه الآن ، وذكره الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه عن المعركة الفاصلة التي ستكون بين جيل النصر المنشود ، وبين اليهود ، وهي معركة سيخبر الحجر والشجر المسلم المقاتل أن هناك يهودي يختبئ وراءه ويناديه أن يقتله . ويقول في المقطع الثالث : أموت ...يعرفني الصمتفي زحمة الورد ، والقمروالشجر ينهمر في عروقيوالرماد هدير ...هذا المقطع هو فورة التوهج النصي ، والدلالي ، والعاطفي ، فالموت / الشهادة منال المجاهد . ونجد أن دلالة الصمت المتكررة في النص ، تظهر هنا في بؤرتها حيث يصبح الصمت مكتسيا بالإيمان والتسليم بالقضاء والقدر بجانب السكون والتأمل ، وتبدو عناصر الطبيعة التي تحيط بالجسد المقاوم وقد استكان صامتا مصاحبا للورد على الأرض ، القمر في السماء ، وشجر ( فلسطين ) في عروق الشهيد ، بينما الرماد المتولد على بعض الجسد الذي نال الشهادة أو كان في أجساد الأعداء قد أصبح هديرا مقاوما . التواشج اللفظي بين ثنايا جماليات النص واضح في الكلمات : الشجر التي تربطنا بشجر الزيتون والغرقد ، والرماد الذي يحيلنا للرصاصة بوصف الرماد أحد نواتجها ، والورد الذي يذكرنا بجنات الخلد